ماذا يدور في دائرة نفوس النبطية؟ هذا السؤال يُطرَح بقوّة في ضوء الشكاوى التي تلقتها "النشرة" من مواطنين من أبناء النبطية ومنطقتها بسبب تأخير موظفي الدائرة في إنجاز معاملات إخراجات القيد، التي تطول مدّة إتمامها حتى تلامس الشهر الكامل.
وبحسب هؤلاء المواطنين، فإنّ هذه المعاملات تُنجَز فوراً إذا ما دُفِعت الرشى، بحيث أنّ المعاملة لا تحتاج لأكثر من دقائق معدودة لمن يدفع 10 آلاف ليرة، وتصل إلى منزل المواطن على طريقة "الدليفري" لمن يدفع 50 ألف ليرة وأكثر.
وروى المتصلون أنّ الموظف على نافذة باب الدائرة يردّ للمواطنين طلباتهم إن لم تكن مدعومة بمبلغ مالي بذريعة أنّ الموظفين قلّة ولا يستطيعون إنجاز ما يفوق طاقتهم من المعاملات، التي تصل إلى قرابة 300 في اليوم الواحد.
وقال المتّصلون إنّ أشخاصا لا يجوز لهم الدخول الى الدائرة يدخلونها نظرا للعلاقات التي تربطهم بمأمور النفوس، فيما ينتظر آخرون خارجها يوما طويلا لاتمام معاملة واحدة لانهم غير محظيين من المأمور الآمر الناهي، مطالبين وزير الداخلية نهاد المشنوق بالتدخل لايقاف الرشاوى والفساد على أبواب نفوس النبطية وفتح تحقيق مع العاملين فيها لمحاسبتهم، والعمل على تنظيم هذه الدائرة التي ينطبق عليها المثل القائل "فالج لا تعالج".
وفي هذا السياق، كشف أحد المواطنين لـ"النشرة" أنّه أمضى نصف ساعة واقفاً على باب مكتب مأمور نفوس النبطية ابراهيم قلقاس حتى فتح نافذته، إلا أنّه طلب منه العودة بعد شهر لانجاز إخراج قيد له ولأولاده لإدخالهم إلى المدرسة في بيروت. ونقل هذا المواطن عن قلقاس قوله على مسمع الحاضرين أنّه ليس لديه موظفون، وهناك اثنان يؤدّيان فريضة الحج في المملكة العربية السعودية، كاشفاً أنّه طلب إعفاءه من مهامه وتقدّم بطلب بذلك من محافظ النبطية محمود المولى.
ما نقله هذا المواطن أكّده أيضاً أحد مخاتير المنطقة، حيث أشار إلى أنّ قلقاس تقدّم فعلاً باستقالته كمأمور للنفوس لأن لا أحد من الموظفين يردّ عليه، على حدّ تعبيره، لافتاً إلى أنّه ينتظر أن يبتّ المحافظ بالاستقالة، وإن قبلها فإنّه سيعود إلى دائرة نفوس صيدا، خصوصاً أنّ الموظفين الكبار في النبطية يتّهمونه بالتقاعس والتلكؤ، بل إنّ أحدهم وجّه إليه كلمات لا توجَّه إلى موظفٍ أصغر منه رتبة.
وفي سياق متصل، أوضحت د. ج. لـ"النشرة"، وهي من النبطية، أنّها ذهبت لإنجاز إخراج قيد لابنتها ح. (17 عاماً) يوم السبت الفائت، حيث فوجئت بتجمّع الناس في المكان. وقالت: "رأيت بأم العين شخصاً يتحدّث مع موظف في الدائرة، وقد وضع له 50 ألفاً لإنجاز إخراج القيد، وهنا أُصبت بالجنون فرحت أصرخ أمام الموجودين ورفض احد الموظفين استلام استدعاء اخراج القيد لابنتي وبعد جدال تسلّمه، وطلب مني أن أعود لاستلامه بعد ثلاثة أشهر، بحجّة أنّهم مضغوطون بإخراجات القيد لطلاب المدارس والجامعات".
وفيما اعتبرت الأمر مهيناً ومذلاً للمواطنين، أشار م. أ. إلى أنّ الموضوع ليس ابن ساعته، بل مضى عليه أكثر من سنة، موضحاً أنّ القاصي والداني يدرك ذلك. وشدّد على وجوب أن تبدأ المحاسبة لكل المستهترين بكرامة الناس، مؤكدا انه دفع لمختار بلدته عشرين الفا لينجز له اخراج قيد لابنه في الجامعة.
أما ب. م. فلفتت إلى أنّ هناك مخاتير منتخَبون حديثاً تركوا كلّ أعمالهم وأشغالهم وفتحوا مكاتب لإنجاز معاملات المواطنين لقاء ما لا يقل عن مبلغ ما بين 10 الى 20 و30 الف عن كل معاملة حسب حجمها وثقلها وتعب المخاتير لانجازها.
في الختام، هي عيّنة أخرى من عيّنات الفساد والمحسوبيات المنتشرة على امتداد الدولة اللبنانية، ليبقى السؤال دائماً وأبداً، أين الدولة من كلّ هذه الممارسات؟ ألم يحن الوقت لتضع حداً لكلّ هذه المهازل؟